25‏/05‏/2011

الرمثا





مدينة طيبة العروق، تشربت عبق الإيمان والعراقة والمجد... فأشرقت بنور المحبة والقوة والمنعة...
حين تتجول في شوارعها وميادينها تصافحك عيون تنظر إلى السماء... سكانها ممتلئون رضا... تسكنهم النخوة العربية . يرتديهم الكرم، لديهم الكثير الكثير من الأحاديث والأفكار والحب... تعال معنا إلى هناك لنقرأ ونشاهد صفحات هذه المدينة الطيبة مثل سهولها ... والخضراء مثل قلوب أصحابها.. فإلى هناك؛

التسمية:
الرمثا في معجم الوسيط. الرّجل الخلق الثّياب، والضعف المتن، وهو أيضاّ نبات بري من الحمّض كثير في بادية الشام. والرَمَثه أيضاً بقية اللبن في الضّرع بعد الحلب. وفي " القاموس المحيط " أن الرّمث أرض ينبت فيها الرّمث، وهو شوك مرعى للإبل، رمثت الإبل أكلَت الرّمث فاشتكت بطونها، فهو رمث.
وعرفت في العهد اليوناني باسم " ارثما " أو " راماثا " ومنه عرف اسمها الحالي. وذكر ياقوت الحموي في " معجم البلدان " بأن الرّمث بكسر أوله وسكون ثانية وآخره مثلثه تعني مرعى من مراعى الأبل وهو من الحمّض....
وهو اسم وادٍ بني أسد، وقال دريد بن الصمّة ....
لولا جنون الليل أدرك ركْبنا
بذي الرّمث والأرض عياض بن ناسب
فلهذا نلاحظ أن منطقة رعوية ينبت فيها شوك الرّمثا، وكانت مرعى للإبل منذ القدم، ونسبة لهذا الشوك جاءت التسمية. وأشار الأستاذ مصطفى مراد الدباغ، في كتابه " بلادنا فلسطين " إلى أن الرّمثا كلمة سريانية بمعنى العلو والارتفاع، وهي مشتقة من بركة أو صهاريج آبار لجمع ماء الشتاء، وتقع على خط المواصلات بين جنوب الجزيرة العربية والبحر الأحمر ومدن الشام منذ أقدم العصور، وهي أيضاً محطة من محطات الحج المعروفة منذ القدم.

الموقع والمناخ:
تقع منطقة الرمثا في الناحية الشمالية من الأردن، وذلك في الجزء الشمالي الشرقي من محافظة " اربد " . وتبدأ المنطقة بشكل ضيق من الشمال ثم تأخذ بالاتساع التدريجي من الوسط إلى الأجزاء الجنوبية، وتنحصر بين خطّي الطّول 75 35 - 10 36 درجة وبين خطّي العرض 25 32 - 45 32 درجة.
وتتميز أراضي المنطقة بالطابع السهلي، وتخلو من أثر الحركات الباطنية، وتتميز بوقوعها بين الأراضي الرطبة والصحراوية وشبه الصحراوية
وتتوافر الأودية الواسعة التي تجري فيها مياه الأمطار شتاء كوادي الشومر والشلالة، ولو أقيمت السدود على هذه الأودية لعمّت الفائدة وزادت الرقعة الزراعية في اللواء... والتي تبلغ حوالي 250 ألف دونم لم يستغل منها إلا القليل القليل بسبب شح الموارد المائية، وعدم السّماح لأصحاب الأراضي بحفر الآبار الجوفية، المتوافرة بالمنطقة بكثرة...
ومناخها امتداد لمناخ البحر الأبيض المتوسط، مع تميّزه بطابع الجفاف النسبيّ، كون المنطقة واقعة الرمثا في التاريخ
لا بدّ أن منطقة الرّمثا مرّت بحضارات إنسانية، مثلها مثل باقي المناطق المحيطة بها، وهذا بحكم موقعها الجغرافي، وتنافس الحضارات على إخضاعها والسيطرة عليها.... فهناك الكنعانيون والعموريون من أوائل الشعوب التي سكنت بلاد الشام.... وخضعت المنطقة للامبراطورية المصرية في عهد ( امنحتب ) الثالث (1642-1633ق.م) وبعد ذلك جاءت الحضارة الآرامية وسيطرت على المنطقة لفترة من الزمن، ومن ثم جاء الأشوريون وأخضعوا البلاد لهم، واستمر الحكم الأشوري لهذه البلاد حتى عام 612ق.م حيث ورث البابليون أملاك الأشوريين. وانهارات الامبراطورية البابلية أمام الغزو الفارسي وانتقلت أملاك المنطقة للامبراطورية الفارسية، وانتصر القائد اليوناني الاسكندر المقدوني على ملك الفرس... بعد ذلك... استطاع بطليموس الأول ملك مصر ضم فلسطين وشرقي الأردن إلى مملكته المصرية ... وكان للإغريق الطابع الحضاري المميز في المنطقة، وانفتحت المنطقة على الحضارة الإغرايقية اليونانية، فازدهرت تجارتها وانتعشت مُدنها... وقام اليونانيون بإنشاء عدد آخر من المدن والطرق التجارية. وبعد ذلك اجتاحت المنطقة الجيوش الرومانية عام 64ق.م، وقاموا بإنشاء المدن الرومانية ومنها حلف الديكابوليس ( المدن العشر ) واهتموا بفتح الطرق للأغراض الحربية والتجارية.
ومن ثم جاءت الحضارات الإسلامية، ومرّت الرمثا بفترات نمو وازدهار عبر هذه المراحل التاريخية، ويدل على ذلك الآثار القديمة المنتشرة هنا وهناك. والتي تبين أن المنطقة كانت مأهولة بالسكان منذ فترات طويلة من الزمن، ولم تكن الرمثا آنذاك سوى خربة تحتوي عدداً من الكهوف والمغارات الطبيعية منها والمنحوتة، ويتخلل الخربة واد يسمى وادي السفيد، وكان يتردّد على خربة الرمثا في تلك الفترة قبائل من البدو طلباً للكلأ والماء، فيحطون رحالهم في أوائل الربيع ليرحلوا عنها في أوائل الخريف...
وعبرت الجيوش الإسلامية سهول الرمثا وحوران لتحتل دمشق عام 14هـ/635م، وكانت المنطقة أيام بصرى الشّام الطريق الرئيسي الذي تنتقل عبره القوافل التجارية إلى مدينة البتراء... وعندما خرج العرب من الجزيرة العربية يحملون رسالة الإسلام دارت في هذه المنطقة على الطرف الشمالي الغربي بهذا اللواء أرض معركة اليرموك سنة 15هـ/635م. وشرع الخليفة بتأسيس حكومة في بلاد الشام وقسمت البلاد إلى خمسة أجناد ومن ضمنها جند الأردن، الذي كان يضم مدينة صور وعكا وبيسان وإربد ودرعا، وعاصمته طبريا... والرمثا كانت تابعة لمدينة إربد التابعة لطبريا... وكانت للمنطقة أهمية إقتصادية كبرى... حيث كانت هذه المنطقة طريقاً رئيسياً لقوافل الحج التي تقلع من دمشق إلى الحجاز... وللواء أهمية تجارية في تأمين الاتصال التجاري وتنقل الحجاج بين الشام والحجاز.... وحيث كانت هناك الأسواق التجارية الكبيرة التى يرتادها تجّار العرب بعد أسواق الحجاز.
وتعاقبت على المنطقة الحضارات الإسلامية من بعد الخلفاء الراشدين، فهناك الأمويون والعباسيون، والفاطميون والسلاجقة والمماليك والأيوبيون... وتعرضت المنطقة للحملات الصليبة ( 1079م - 1291 م)، وبنى الصليبيون أول حصن في شرقي الأردن عام 1110م يدعى ( قلعة الحابس ) الواقع شمال غرب الشجرة، لتأمين واردات أرض حوران وشرقي الأردن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق